يرفع الثّائرون في مختلف أنحاء العالم شعار ومَطلب الدّولة المدنيّة، وتراهم يسعون إلى تحقيق هذا الهدف الذي يعبّر عن أحلام الشّعوب وتطلّعاتها للانعتاق من أسرِ الدّكتاتوريّة، والانطلاق إلى رحاب الحريّة التي تتمثّل في الدّولة المدنيّة، فما هو مفهوم الدّولة المدنيّة؟ وما هي جذورها التّاريخية؟
مفهوم الدولة المدنيةيُعتبر مطلب الدّولة المدنيّة من أكثر الشّعارات التي ترفعها الجماعات الثّورية في العالم، والتي تسعى من خلالها إلى تأسيس نظام حكم مستندٍ إلى القانون والمؤسّسات الدستوريّة، ومُرتكزٍ على قيم ومعاني العدالة والمساواة الإنسانيّة؛ فهو مفهوم يعني إنشاء دولة مدنيّة غير دينيّة يشترك في بنائها جميع مكوّنات الشّعب بغض النّظر عن الدّين أو العرق أو المال، وحيث يتساوى الجميع في الحُقوق والوَاجبات.
ركائز الدّولة المدنيّةتعود جذور مفهوم الدّولة المدنيّة إلى الفلاسفة اليونانييّن؛ فقد ألّف أفلاطون كتابًا سمّاه جمهوريّة أفلاطون صنّف فيه المجتمع إلى حكّامٍ، وجيشٍ، وعمّالٍ، وحرفييّن، وحدّد لكلّ صنفٍ منهم واجباته في المجتمع ومسؤوليّاته بما يضمن الوصول إلى مجتمع مثالي ودولةٍ مدنيّةٍ، ولقد تطوّر مفهوم الدّولة المدنيّة؛ حيث أصبح مطلبًا وشعارًا ترفعه كثيرٌ من الحركات الثّورية في العالم، ولقد سمعنا هذا الشّعار كثيرًا في مطالب الثّوار في دول الرّبيع العربي.
مفهوم الدّولة المدنيّة في ميزان الشّريعة الإسلاميّةعالجت الشّريعة الإسلاميّة جميع جوانب حياة النّاس، ومنها: وضع التّشريعات التي تضمن تأسيس نظام حكمٍ عادلٍ، ودولةٍ مدنيّة ترتكزُ إلى مبادىء القانون والمساواة بين جميع أفرادها، مع مراعاة عدم تغيّب الشّريعة والدّين عن الحكم ونظامه كما يُنادي بذلك أصحاب مطلب الدّولة المدنيّة، فالدّين في وجهة نظر الشّريعة هو جزءٌ من السّياسة، والسّياسة هي جزءٌ من الدّين، ولا ينبغي التّصادم بينهما، فلقد ضَمنت الدّولة الإسلاميّة حقوق الأقليّات في المجتمع، كما أكّدت على معاني المساواة، والعدالة، والحرّية كما لم تؤكّد عليه أيّ شريعةٍ وضعيّةٍ من قبل ومن بعد.
المقالات المتعلقة بمفهوم الدولة المدنية